خرجت الحروف الهجائيّة في مظاهرة ضد حرف "الألف"، تهتف بكرهها له، وبرغبتها في نفيه وإبعاده.
وقف حرف "الألف" حزيناً مما سمع. جاء إلى اشقّائه يستفسر:
– لماذا يا إخوتي تقفون منّي هذا الموقف؟.. هل آذيتكم؟..
هل أزعجتكم؟..
قالت الجيم:
– نحن لا نحبك.
قال الواو:
– ولا نريدك.
تساءل "الألف" باستغراب شديد:
– لماذا؟!!..
– لأنك تختلف عنّا.. فأنت مرفوع الرأس، مستقيم الظهر. أمّا نحن.. فيا حسرتنا!.. انظر إلى أشكالنا الملتوية.
– وما ذنبي أنا؟!.. ما ذنبي؟!
ردّد "الألف" وهو يمضي مطرقاً، كسير النفس.
بعد ذهابه، جلست الحروف تفكّر فيما تستطيع أن تفعل، إلى أن توصّلت لحلّ مناسب جعلها تقفز فرحاً.. فقد اتفقت فيما بينها على الذهاب إلى الحدّاد "مسعود"، ليقوّمها، ويسوّيها، ويصلح من حالها بالمطرقة والسندان، فتصبح مستقيمة كحرف "الألف" تماماً.
"واللَّه فكرة جيدة"
قفز الجميع..
وافق الحدّاد على اقتراح الحروف، وسُرَّ أيما سرور لأنَّه سيجني من وراء عمله هذا مبلغاً لا بأس به من المال قال:
– أنتم سبعة وعشرون حرفاً -عدا الألف- قسّموا أنفسكم إلى ست مجموعات.. صباح كل يوم تأتيني مجموعة. ما رأيكم؟
-موافقون.
بعد أن أخذ "مسعود" الموافقة من أفواه الحروف، واتّفق معها على الأجر، بدأ العمل، يوم السبت ذهبت إليه الباء، والتاء، والثاء، والجيم، والحاء، والخاء،
يوم الأحد ذهبت الدال، والذال، والراء، والزاي.
أما الإثنين فكان من نصيب السين والشين والصاد والضاد.
الطاء والظاء والعين والغين بقوا إلى الثلاثاء.
نهار الأربعاء خصص للفاء، والقاف، والكاف، واللام.
الخميس، وهو نهاية الأسبوع.. زارته بقيّة الحروف، الميم، والنون، والياء.
تغيّرت أشكال الحروف، صارت كشكل الألف الذي حزن لحالها، وتألّم للتغيير الجذري الذي آلت إليه.
– وكيف ستميّزون بعضكم؟ وما هي أسماؤكم الجديدة؟
سأل "الألف" الأحرف التي صارت تشبهه.
حين ذهب تلاميذ المدارس إلى بيوتهم يريدون تحضير الدروس، لم يستطيعوا أن يقرؤوا، أو يكتبوا شيئاً، إذا لم تكن أمامهم أيّة حروف سوى حرف واحد، لا يستطيعون أن يصيغوا بواسطته كلمة.
المعلّمون والمعلّمات وقفوا مكتوفي الأيدي عاجزين عن إعطاء المعلومات المقرّرة.
الأدباء والكتاب أيضاً كانت حالهم كحال الذي منع عنه الطعام والشراب.
بعد حين من الزمن، ملّت الحروف وضعها.. فقدت أسماءها وأشكالها، ولم يعد الحرف يعرف أخاه أو يميزه.
وعندما يتصادم به أثناء سيره، يقول له:
– من أنتَ؟ ما اسمكَ؟
فلا يعرف هذا الآخر بماذا يجيب.
الحدّاد "مسعود" تأذّى من الوضع مثلما تأذّى جميع الناس، فقد نسي ابنه القراءة والكتابة بعد أن أغلقت مدرسته بابها، كباقي المدارس. حالة من الندم تملّكته على ما اقترفت يداه.
خاطب نفسه:
"لو كنت أعرف نتيجة صنيعي لما قمت به ولو قدّموا لي كنوز الدنيا كلّها."
وظلّ الحدّاد الليل بحاله يفكّر بما عساه يقوم به ليعوّض ما فات. رأى ابنه حيرته، فقال له:
– ما رأيك ياوالدي لو اقترحت على الحروف أن تعيد لها شكلها بمطرقتك وسندانك.
– وهل تقبل؟
– جرب.. ولنر..
اتّجه مسعود إلى الحروف، فرآها تتخبّط بعضها ببعض، تتشاجر، وتختلف، ولا تتفّق على شيء. وحده حرف الألف الحقيقي كان يقف عن بعد، وينظر إلى الأحوال التي توصل إليها إخواته بسبب جهلهم، وعدم إدراكهم.
قال له:
– أيها الألف العاقل.. تعال معي نحاول إقناع إخوتك بالرجوع إلى أشكالهم الأولى، وأنا على استعداد للقيام بهذا العمل دون أجر أو تعويض.
فرح الألف بمبادرة الحداد.. تأبط ذراعه، ومضيا إلى الحروف، وكلّهما ثقة وتفاؤل بأنهما سيستطيعان بالحوار والمناقشة غرس القناعة في نفوسهم، فتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية.
وقف حرف "الألف" حزيناً مما سمع. جاء إلى اشقّائه يستفسر:
– لماذا يا إخوتي تقفون منّي هذا الموقف؟.. هل آذيتكم؟..
هل أزعجتكم؟..
قالت الجيم:
– نحن لا نحبك.
قال الواو:
– ولا نريدك.
تساءل "الألف" باستغراب شديد:
– لماذا؟!!..
– لأنك تختلف عنّا.. فأنت مرفوع الرأس، مستقيم الظهر. أمّا نحن.. فيا حسرتنا!.. انظر إلى أشكالنا الملتوية.
– وما ذنبي أنا؟!.. ما ذنبي؟!
ردّد "الألف" وهو يمضي مطرقاً، كسير النفس.
بعد ذهابه، جلست الحروف تفكّر فيما تستطيع أن تفعل، إلى أن توصّلت لحلّ مناسب جعلها تقفز فرحاً.. فقد اتفقت فيما بينها على الذهاب إلى الحدّاد "مسعود"، ليقوّمها، ويسوّيها، ويصلح من حالها بالمطرقة والسندان، فتصبح مستقيمة كحرف "الألف" تماماً.
"واللَّه فكرة جيدة"
قفز الجميع..
وافق الحدّاد على اقتراح الحروف، وسُرَّ أيما سرور لأنَّه سيجني من وراء عمله هذا مبلغاً لا بأس به من المال قال:
– أنتم سبعة وعشرون حرفاً -عدا الألف- قسّموا أنفسكم إلى ست مجموعات.. صباح كل يوم تأتيني مجموعة. ما رأيكم؟
-موافقون.
بعد أن أخذ "مسعود" الموافقة من أفواه الحروف، واتّفق معها على الأجر، بدأ العمل، يوم السبت ذهبت إليه الباء، والتاء، والثاء، والجيم، والحاء، والخاء،
يوم الأحد ذهبت الدال، والذال، والراء، والزاي.
أما الإثنين فكان من نصيب السين والشين والصاد والضاد.
الطاء والظاء والعين والغين بقوا إلى الثلاثاء.
نهار الأربعاء خصص للفاء، والقاف، والكاف، واللام.
الخميس، وهو نهاية الأسبوع.. زارته بقيّة الحروف، الميم، والنون، والياء.
تغيّرت أشكال الحروف، صارت كشكل الألف الذي حزن لحالها، وتألّم للتغيير الجذري الذي آلت إليه.
– وكيف ستميّزون بعضكم؟ وما هي أسماؤكم الجديدة؟
سأل "الألف" الأحرف التي صارت تشبهه.
حين ذهب تلاميذ المدارس إلى بيوتهم يريدون تحضير الدروس، لم يستطيعوا أن يقرؤوا، أو يكتبوا شيئاً، إذا لم تكن أمامهم أيّة حروف سوى حرف واحد، لا يستطيعون أن يصيغوا بواسطته كلمة.
المعلّمون والمعلّمات وقفوا مكتوفي الأيدي عاجزين عن إعطاء المعلومات المقرّرة.
الأدباء والكتاب أيضاً كانت حالهم كحال الذي منع عنه الطعام والشراب.
بعد حين من الزمن، ملّت الحروف وضعها.. فقدت أسماءها وأشكالها، ولم يعد الحرف يعرف أخاه أو يميزه.
وعندما يتصادم به أثناء سيره، يقول له:
– من أنتَ؟ ما اسمكَ؟
فلا يعرف هذا الآخر بماذا يجيب.
الحدّاد "مسعود" تأذّى من الوضع مثلما تأذّى جميع الناس، فقد نسي ابنه القراءة والكتابة بعد أن أغلقت مدرسته بابها، كباقي المدارس. حالة من الندم تملّكته على ما اقترفت يداه.
خاطب نفسه:
"لو كنت أعرف نتيجة صنيعي لما قمت به ولو قدّموا لي كنوز الدنيا كلّها."
وظلّ الحدّاد الليل بحاله يفكّر بما عساه يقوم به ليعوّض ما فات. رأى ابنه حيرته، فقال له:
– ما رأيك ياوالدي لو اقترحت على الحروف أن تعيد لها شكلها بمطرقتك وسندانك.
– وهل تقبل؟
– جرب.. ولنر..
اتّجه مسعود إلى الحروف، فرآها تتخبّط بعضها ببعض، تتشاجر، وتختلف، ولا تتفّق على شيء. وحده حرف الألف الحقيقي كان يقف عن بعد، وينظر إلى الأحوال التي توصل إليها إخواته بسبب جهلهم، وعدم إدراكهم.
قال له:
– أيها الألف العاقل.. تعال معي نحاول إقناع إخوتك بالرجوع إلى أشكالهم الأولى، وأنا على استعداد للقيام بهذا العمل دون أجر أو تعويض.
فرح الألف بمبادرة الحداد.. تأبط ذراعه، ومضيا إلى الحروف، وكلّهما ثقة وتفاؤل بأنهما سيستطيعان بالحوار والمناقشة غرس القناعة في نفوسهم، فتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية.