تطالعنا كل صباح، نعمة الله المنيرة.. شمسنـــا الطيبة..
ما البداية، وكيف أصل الحكاية..دعونا نرحل لنقرأ القصة من ألفها إلى يائها..
يعتقد الفلكيون ان شمسنا تكونت من غيمة عملاقـــة كانت تدور ببطئ، قبل تقريبا 5ألاف مليون سنة، وهي تقريبا أكبر من عمر أرضنا بقليل..
وبدراسة النشاط الإشعاعي لصخور الأرض تمكن الجيولوجيون من حساب عمر الأرض تقديرا. أقدم الصخور عمرا والتي وجدت على الأرض كان عمرها يتراوح بين 3 إلى بليون سنة، ولكن أقدم الشهب المكتشفة كان عمرها 4.5 بليون سنة. افترض عندها الجيولوجيون أن الأرض والشمس تكونا في ذات الفترة تقريبا التي تكون فيها أقدم النيازك، ولأن المذنب يحتاج زمنا كي يتجمد رأسه، فأعم التقديرات لعمر الأرض هو 4.7 ألف مليون سنة..
تكونت الغيمة التي كونت مجموعتنا الشمسية من غاز الهيدروجين، لكن هذا لا يمنع وجود عناصر أخرى مثل الأوكسجين،السيليكون والكربون. وبسبب الجاذبية التي تمثل وسيلة فعالة للغاية في إطلاق الطاقة، بدأ الغاز في التكاثف والتجمع في مركز الغيمة، و مع اقتراب الغاز من محور دوران الغيمة، بدأت السرعة بالزيادة تدريجيا. لكن زيادة سرعة الدوران هذا يعني أيضا انه لن تتركز كل العناصر في المركز، فمع الدوران تقذف العناصر الثقيلة بعيدا عن المركز، والعناصر الأخف تتركز أكثر وأكثر في مركز الغيمة. زيادة التركيز مع تأثيرات الجاذبية تولد ضغطا هائلا يرفع الحرارة إلى مستويات مروعة تجعل العناصر تبدأ في توليد الطاقة(من خلال الاندماج النووي وسيرد تفصيل ذلك لاحقا)..
في هذه اللحظة، بدأ مركز الغيمة هذا يصبح نجمنا،،الشمس، فكل نجم يحوي مولدا للطاقة، بينما بقية الغيمة تكتلت في وحدات منفصلة وشكلت الكواكب
التي نعرفها،ومنها كوكبنا، الأرض..
يعتقد الفلكيون ان الهيدروجين، المكون الأساسي لمثل هذه الغيوم الغازية، تكون أساسا في الانفجار العظيم الذي بدأ به الكون. ورغم هذا نحن لا نعرف تدقيقا متى بدأ هذا كله، لكن معظم الملاحظات الفلكية ودراسةأشعة الخلفية الكونية تدل على أن عمر الكون يترواحبين 10-20 ألف مليون سنة.
كون غاز الهيدروجين هذا غيوم عملاقة هائلة، وهذه الغيوم تركزت في دورانها وشكلت المجرات التي نعرفها حاليا. وبالطبع ظل بعض الهيدروجين يسبح طافيا بين أجزاء المجرات حتى حصول شيء ما أجبره على الدوران والتكتل ثانية ليكون الشمس ونظامنا الشمسي كله. ونحن لانعرف يقينا ما الذي أجبر الهيدروجين في مجرتنا على الدوران وبدأ العملية كله، لكن أرجح الاحتمالات هو تعرضه لموجة “صدمة” صادرة من انفجار سوبر نوفا قريب..
في الانفجار العظيم، تكون فقط بعض العناصر الخفيفة، مثل الهيدروجين والهيليوم والليثيوم، وكانت معظم مادة الكون هي من الهيدروجين وبعض الجسيمات المنفصلة- اليكترونات،فوتونات -، بينما لم تتكون عناصر ثقيلة مع بداية الكون، لأن الجسيمات المتطايرة بسرعات هائلة كانت تشطر النوى الثقيلة حال تكونها.
والعناصر الثقيلة هذه ،أمثال الكربون ،الأوكسجين، النيتروجين والسيليكون تكونت لاحقا، داخل النجوم،مثل شمسنا.
عندما انفجرت بعض النجوم المبكرة- التي ولدت مع ولادة الكون ووصلت سريعا الى مراحلها الأخيرة- بسوبر نوفا قوية، تطايرت هذه العناصر الثقيلة التي تكونت في مركز النجم المتحضر ، واختلطت مع غاز الهيدروجين الذي كان يسبح بين المجرات، وهكذا كانت هذه العناصر من مكونات نظامنا الشمسي.
ذرات الكربون، الكالسيوم والأوكسجين هي المكونات الأساسية لأجسامنا، نحن المخلوقون من تراب هذه الأرض : الأوكسجين هو مكون أساسي للماء، كما أن ذرات النيتروجين والأوكسجين هي أساس غلافنا الجوي الأرضي..كل هذه العناصر تكونت في قلب نجوم حارة للغاية من زمن طويــــل ،بعيــد..وبالمثل، فإن الهيدروجين الذي يكون أجسادنا والماء الذي نعيش فيه، تكون في لحظة الإنفجار الكبير… فكلنا، نحمل في داخلنا شهادة على ميلاد كوننا الذي نعيش فيه.
والنجوم،، لا تحب الوحدة!، فمن المعلوم أنه من النادر جدا، ان تتكون النجوم وحيدة، وإنما تتكون في مجموعات معا، فالذي يحصل ان الغيمة العملاقة تلك يتكون فيها أكثر من مركز جذب تبدأ الغازات والعناصر في الدوران حوله، ومع زيادة سرعة الدوران تنفصل مراكز الجذب هذه ليكوّن مركزها نجما شبيها بنجمنا، وبقية الغازات تتكاثف لتكون الكواكب الدائرة حول المركز النحمي ذلك..
لكن،،مع كبر حجم تلك الغيمة الهائلة،،وتباعد مكوناتها لشكل كل مركز فيها نظاما نجميا منفصلا، وتحركها في اتجاهات مختلفة،،من الصعب، إن لم يكن من المستحيل،،أن نجد أيّ النجوم تكونت من ذات الغيمة..
نجمنا يملك أخوانا – من ذات الدم- ولو أننا لا نعرف اين هم الآن…
دفع الغرور البشري القدماء إلى الافتراض أننا في مركز المجرة، وربما في مركز الكون أيضا..فهل هذا صحيح؟
هل نحن متميزون في هذا الكون الفسيح، أم أننا لا نمثل إلا جزءا من تلك العظمة؟
ابقوا معنا