مدينة بيت المقدس عربية منذ القدم
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
تعتبر مدينة بيت المقدس إحدى أهم بقاع الأرض قدسية، وظهرت لها أهمية دينية منذ أن ظهرت مدينة مكة، وظهرت بها الكعبة المشرفة، التي بناها سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، فمدينة بيت المقدس، عرفت منذ العرب الكنعانيين اليبوسيين منذ 3500 سنة ق.م. و اليبوسيون هم إحدى القبائل العربية الكنعانية، التي هاجرت من الجزيرة العربية الى ارض فلسطين، فبنوا مدينة بيت المقدس، وكان ملكهم في ذلك الزمان ويدعى (ملكي صادق) وهو أحد الملوك الموحدين في ذلك العصر، ويقال انه كان من الأنبياء الموحدين كسيدنا إبراهيم، وقد نصبه عدد من الملوك في المنطقة المحيطة بمدينة بيت المقدس ملكا عليهم، لسمو أخلاقه ولكثرة تعبده، وكان يملك مغارة في إحدى مناطق المدينة للتعبد بها، وكان على صلة قوية مع سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، فكما هو معروف، فقد كان سيدنا إبراهيم من الموحدين، وعندما هاجر من مدينة أور الواقعة في شمال العراق الى مدينة بيت المقدس عبر مدينة " حران "، استقبله الملك (ملكي صادق) وأحسن استقباله، وقد عاش الاثنان في نفس الفترة الزمنية، لذلك كانا على صلة كبيرة ببعضهم، وقد زار سيدنا إبراهيم الملك ( ملكي صادق) في مدينة بيت المقدس مرات عديدة، وقامت بينهما صداقة متينة، وكانت تدعى مدينة بيت المقدس في ذلك الزمان بمدينة (يبوس) نسبة الى أهلها اليبوسيين العرب الذين بنوها. من المعروف أن منطقة المسجد الأقصى المبارك من المناطق المقدسة منذ القدم، وقد بني فيها المسجد الأقصى بعد أربعين عاما من بناء الكعبة المشرفة، وقد كان يوجد في بقعة الأرض المقام عليها المسجد الأقصى حاليا، مسجدا (المسجد كلمة كانت تطلق على مكان التعبد منذ القدم) خاصا للتعبد منذ ثلاثة آلاف وخمسمائة عام قبل الميلاد، لذلك فان هذه البقعة المقدسة من الأراضي الفلسطينية، هي ملك للعرب اليبوسيين منذ آلاف السنين، وحتى يومنا هذا، وأية ادعاءات أخرى خلاف ذلك، تعتبر باطلة ولا أساس لها من الصحة.
أثبتت الحفريات الإسرائيلية، التي قام بها علماء الآثار الصهاينة، في منطقة الحرم القدسي الشريف، منذ احتلالهم لمدينة بيت المقدس، من اجل البحث عن الهيكل المزعوم، أن لا وجود لأي آثار فيما يتعلق بالهيكل المزعوم، وقد ثبت للكثير من العلماء أن هذا الهيكل هو من صنع الخيال، حيث لم يثبت وجوده على مر العصور، ويقال بأن هذا الهيكل سوف يهبط من السماء حسب الوعد الإلهي الذي يدعي اليهود أن الرب وعدهم به، ولكنه لم يهبط بعد، لذلك فلا وجود له بالمنطقة بالقطع، ولم يكن موجودا بالأصل، وما الادعاءات الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم، إلا افتراءات و إفكا وبهتانا كبيرا.
عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس، أمر ببناء المسجد الأقصى بها في المكان المقدس الحالي، وتوالى من بعده المسلمون بترميمه وتوسعته، حتى أصبح بوضعه الحالي، ومما زاد من قدسية المكان وعظمته للمسلمين، إسراء سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام في مكة المكرمة الى المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في أواخر الحكم الروماني لمدينة بيت المقدس، وأيضا ترجع أهمية بيت المقدس للمسلمين، لأنها كانت أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين، وهي عند المسلمين أيضا ارض الرباط والجهاد، وحديث الرسول الكريم عن فضل الصلاة فيها من المبشرات بأن القدس سيفتحها المسلمون، وستكون لهم، وسيشدون الرحال الى مسجدها، مصلين متعبدين، وما يدعو به الصهاينة اليهود (بحائط المبكى) على أساس انه من بقايا الهيكل، ما هو إلا (حائط البراق)، وهو الجدار الغربي من مبنى المسجد الأقصى، وهو المكان الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته (البراق) عنده، ولذلك سمي الحائط بهذا الاسم. هناك الكثير من الأجوبة لكثير من الأسئلة التي تراود تفكير أبناء شعبنا العربي وشعبنا المسلم في كافة أرجاء المعمورة، حيث يتضمن الكثير من الأسئلة والأجوبة التي سيفاجأ بها القارئ الكريم، لأنه قد لا يعرف حقيقة مثل هذه الأسئلة والأجوبة والتي قد تكون قد وصلت إليه والى ذويه وأقربائه بشكل مغلوط، و تناقلتها العامة والخاصة دون أن تدري بحقيقتها على أكمل وجه، خاصة وان تاريخ الإنسان منذ العصور القديمة مصدره التوراة، هذا الكتاب الذي عمل اليهود والصهاينة على تحريفه ليتفق مع أطماعهم وأهوائهم، وفي وقتنا الحاضر يعتبره بعض المثقفين في العالم، هو المرجع التاريخي الوحيد لكل التاريخ الإنساني، على الرغم من معرفة البعض منهم بأن هذه التوراة ليست النسخة الأصلية، بل هذه التوراة تم وضعها بعد ألف سنة من نزول التوراة الحقيقية على سيدنا موسى، من قبل أحد حكماء بني إسرائيل، والمدعو (عزرا) بالتعاون مع عدد آخر من تلامذته، وقد اشتملت التوراة المحرفة هذه، على الكثير من الأكاذيب والأباطيل ضد الأنبياء والرسل باسم الرب، فعمل اليهود الصهاينة، على توسيع كل ما يتعلق بتاريخهم من أحاديث و أقوال وتأييد مزعوم لهم، وتقليص بل وحذف وتحريف وتشويه كل ما لا يهمهم لكثير من الصور بحق الشعوب الأخرى التي ورد ذكرها، والمطلع على التوراة الحالية يلمس بأن تاريخ البشرية وكأنه تاريخ بني إسرائيل فقط.
تقع مدينة بيت المقدس في قلب ارض فلسطين، وفلسطين هي جزء من بلاد الشام، وتقع في جنوبها، و سميت فلسطين بأرض كنعان، لأنه قبل الميلاد بمئات السنين، نزلت قبائل من جزيرة (كريت) على ساحل البحر الأبيض المتوسط تسمى (فلستين) واختلطت هذه القبائل مع الكنعانيين وتمازجوا وشكلوا خليطا يغلب عليه الدم العربي، وعاشوا في تلك المنطقة التي سميت باسم القبائل التي قدمت من كريت (فلسطين).
تقع بالنسبة لخطوط العرض والطول على خط طول مقداره 35 درجة و13 دقيقة شرقا وخط عرض مقداره 31 درجة و52 دقيقة شمالا، وترتفع نحو 750 مترا عن سطح البحر الأبيض المتوسط ونحو 1150 مترا عن سطح البحر الميت، وتبعد عن البحار الموجودة بالمنطقة بطول 52 كم هوائي عن البحر الأبيض المتوسط و 22 كم عن البحر الميت و250 كم عن البحر الأحمر، وتبعد مدينة بيت المقدس عن عواصم بعض الدول القريبة خلال الطرق الدولية فمثلا تبعد عن مدينة عمان 88 كم وعن مدينة بيروت 388 كم وعن مدينة دمشق 290 كم وعن مدينة بغداد تبعد 865 كم هوائي.هناك قرى تحيط بها أهمها سلوان وراس العامود و العيزرية وأبو ديس و بير نبالا والرام وبيت صفافا والسواحرة الشرقية.
يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة معظمهم من السكان المسلمين وتبلغ مساحتها 871 دونم. تقدر مساحتها بأربعة آلاف ومائة دونم منها (771) دونم منطقة بناء.
مبنية على لسان من الأرض و منفصلة عن بقية ما حولها بأودية عميقة عددها ثلاثة أودية وهي:في الشرق وادي قدرون أو وادي (جهنم)، في الجهة الشمالية الشرقية وادي ( الراهب)،في الجنوب والغرب وادي الربابة أو (هنوم)
و في المدينة أربعة من الجبال وهي:
1-جبل سكوبس ويقع في الشمال الشرقي من المدينة
2-جبل الزيتون ويقع في الجانب الشرقي من المدينة
3-جبل موريا وهو الجبل المبني عليه الحرم القدسي
4-جبل صهيون وهذا الجبل يقع جنوب غرب القدس
يعتمد سكانها في احتياجاتهم المائية على مياه الأمطار التي كانت تجمع في البرك والآبار في أيام المطر الجيد، وهناك عين مياه في بلدة سلوان والتي يطلق عليها اسم عين سلوان أو عين (جيحون) أو عين (أم الدرج) أو عين (ستنا مريم) او عين ( روجل ) ومنها كانوا يسحبون المياه الى المدينة عبر أنفاق تحت الأرض.
طمع العبرانيون بأرض كنعان لأنها كانت مشهورة بالزراعة وتربية المواشي، وكانت تشتهر بالصناعات الفخارية والنسيج، فكانت سمعتها كبيرة بين الأقوام المجاورة، فطمعوا في خيراتها، و كانت علاقة الكنعانيين بالعبرانيين سيئة، لأن العبرانيون كانوا يحاولوا الاستيلاء على أراضيهم ومزروعاتهم وحيواناتهم وصناعاتهم، وحاولوا أيضا طردهم من أراضيهم، واستعبادهم و أسرهم لديهم لاستغلالهم في العمل، فكان الكنعانيون يقاومونهم باستمرار ويتغلبون عليهم في اغلب الأحيان.أما اسم الجبل الذي نزل فيه سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما دخل ارض كنعان فكان اسمه جبل ( نابو ) ويقال بأنة هو الجبل الذي بني فيه المسجد الأقصى والصخرة المشرفة.
هناك بعض الأسماء التي أطلقت على مدينة بيت المقدس منذ القدم واهم هذه الأسماء هي:
يبوس، أورشليم، شليم، أور شالم، أور سالم، وقدس الأقداس، وأيلياء، و إيليا كابيتولينا. اسم (ايلياء ) اسم أطلقه القائد الروماني (هدريان ) على مدينة بيت المقدس سنة 135م، والاسم ايلياء هو اسم جد عائلة الإمبراطور أو قد يكون اسم عائلته، وبقي هذا الاسم شائعا حتى الفتح الإسلامي.وقد بنى سور القدس السلطان العثماني سليمان القانوني (الذي تولى الحكم ما بين 1520–1566م) ويقال أن السور كان موجود أصلا ولكن يحتاج الى ترميم، وهذا ما قام به سليمان القانوني.يبلغ ارتفاعه 38.5 متر، به 34 برجا، وله سبعة أبواب مستعملة، وأربعة أبواب مغلقة، وطوله 2.5 ميل (4 كم).
سور بيت المقدس به عدة أبواب هي:1-باب الخليل أو باب (يافا) 2- الباب الجديد أو باب (عبد الحميد) 3- باب العامود أو (باب دمشق) أو (باب النصر) 4-باب الساهرة أو باب (هيرودوت) 5-باب ستنا مريم 6- باب المغاربة 7- باب النبي داود أو باب ( صهيون ) 8- باب الأسباط أو باب ( اسطيفان ) ،وهناك أربعة أبواب مغلقة هي: 1-باب الرحمة 2-باب الواحد 3- باب المزدوج 4- باب المثلث.و أول سور أقيم حول القدس كان قبل 2500 عام ق.م، والأسوار اللاحقة التي بنيت بعد ذلك كانت عبارة عن ترميم لسور القدس ولم تكن تأسيسا له. تبلغ مساحة الحرم القدسي الشريف 140.900 م2 أما أبعاده فهي كما يلي:
طوله من الجهة الغربية = 490م
طوله من الجهة الشرقية 474م
طوله من الجهة الشمالية 321م
طوله من الجهة الجنوبية 283م
وبهذا فان محيطه يبلغ 1568 مترا.
أول من بنى المسجد الأقصى سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم الخليفة عمر بن الخطاب عندما تسلم بيت المقدس، وقام بترميمه فيما بعد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 715م.
و المدة الزمنية بين بناء المسجد الأقصى و بناء الكعبة المشرفة أربعين عاما و سمي بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام. طول المسجد الأقصى 80 مترا وعرضه 55 مترا عدا ما أضيف إليه من الأبنية ويتسع نحو ثلاثين ألف مصلي.
أهم معالم ساحة الحرم القدسي الشريف وجود المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني والمتحف الإسلامي وصحن الكأس، والذي يستعمل المصلون ماؤه للوضوء وسبيل قاتباي وتستعمل مياهه للشرب، ومن معالمه أيضا وجود سور حوله له أبواب عديدة.
أما أسماء أبواب الحرم القدسي الشريف فهي:
باب الغوانمة وباب المجلس (باب الناظر ) وباب الحديد وباب العتم وباب القطانين وباب المطهرة وباب المغاربة وباب الرحمة وباب السلسلة.
هناك المسجد المرواني وهو مصلى يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من الحرم القدسي الشريف، و يقع تحت الأرض، وتبلغ مساحته خمسة دونمات، ويتسع لعشرة آلاف مصلي.
و عندما أسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى كان بصحبته جبريل عليه السلام.
كان هذا في العام 621 للميلاد وكان يحكم مدينة (بيت المقدس) التي كان اسمها في ذلك الوقت (يليا) الإمبراطور الروماني (هرقل) الذي حكم من سنة 610م الى سنة 641م.
و السورة القرآنية التي ذكر فيها المسجد الأقصى هي سورة (الإسراء) وسورة (بني إسرائيل). لم يكن المسجد الأقصى موجودا عندما حدثت حادثة الإسراء والمعراج، بل كان المكان موجودا وبه ساحات عدة، ومحاطا بسور له أبواب عدة أيضا، كذلك لم يكن مسجد الصخرة موجودا، وقد أطلق اسم المسجد الأقصى على ساحة الحرم القدسي الشريف جميعها وكانت محاطة بالسور.صعد الرسول الكريم الى السماوات العلى، عندما عرج الى السماء من المسجد الأقصى وكانت قبلة المسلمين هي بيت المقدس، و قيل أنها دامت ستة عشر أو سبعة عشر شهرا.وقد حولت قبلة المسلمون من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة سنة اثنين للهجرة النبوية في شهر شعبان في وقت صلاة الظهر أو العصر. حائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وهذا الحائط هو مكان ما ربط به الرسول الكريم دابته (البراق) عندما عرج إلى السماء، وطوله 58 مترا وعرضه 20 مترا، وهناك ما يقارب 20 مترا مدفونا تحت الأرض وبه 25 مدماكا من الحجارة الكبيرة و يطلق عليه الصهاينة افتراءا (حائط المبكى).
بنى قبة الصخرة المشرفة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 691م وكلف لهذه المهمة أحد العلماء الأعلام وهو أبو المقداد رجاء بن حيوه ومعه يزيد بن سلام وكان بدء البناء سنة 66 هجرية ( 685م ) و أوقف عبد الملك خراج مصر لمدة سبع سنوات لتشييدهما ( المسجد الأقصى والصخرة ) وتم إكمال البناء في عام 72/73 هجرية.
بنيت القبة على صخرة أما صفات الصخرة التي بنيت عليها القبة فهي عبارة عن حجر كبير من الأحجار التي تكون بالجبال وترتكز على الأرض وليست معلقة كما قيل عنها، طولها وعرضها متقاربان محيطها حوالي أربعة اذرع، هناك سرداب تحتها أبعاده ( 5 في 10 ) أذرع والصخرة أعلى من الأرض بمقدار قامة رجل ( من 1, 25 إلى 2 متر)، و أحيطت بسياج من الرخام حتى لا تصل أليها اليد، وهناك كهف تحتها وهو كهف عادي ينزل أليه ب 11 درجة من خلقة العوامل الطبيعية، ويقال بأن الصخرة من صخور الجنة ومن تحتها تجري المياه العذبة والرياح اللواقح. للصخرة التي بنيت عليها القبة أهمية خاصة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلعم):الأنهار أربعة:سيحان وجيحان والنيل والفرات، فأما سيحان فنهر بلخ وأما جيحان فدجلة وأما النيل فنيل مصر، وأما الفرات ففرات الكوفة وكل ما يشربه ابن آدم فهو من هذه الأربعة ويخرج من تحت صخرة ببيت المقدس. عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (صلعم) قال:
(صخرة بيت المقدس من صخور الجنة).عن أبى هريرة عن النبي (صلعم) انه قال: (المياه العذبة والرياح اللواقح تخرج من تحت صخرة بيت المقدس). روي عن ابن مندة عن انس بن مالك انه قال (أن الجنة لتحن شوقا إلى بيت المقدس وبيت المقدس من جنة الفردوس وهي سرة الأرض). روي عن علي ابن أبى طالب عن النبي (صلعم) قال: ( سيد البقاع بيت المقدس وسيد الصخور صخرة بيت المقدس).
ملاحظة: بعض المعلومات مستقاة من كتاب الموجز في تاريخ فلسطين السياسي/الياس شوفاني للعلم رجاء.
أثبتت الحفريات الإسرائيلية، التي قام بها علماء الآثار الصهاينة، في منطقة الحرم القدسي الشريف، منذ احتلالهم لمدينة بيت المقدس، من اجل البحث عن الهيكل المزعوم، أن لا وجود لأي آثار فيما يتعلق بالهيكل المزعوم، وقد ثبت للكثير من العلماء أن هذا الهيكل هو من صنع الخيال، حيث لم يثبت وجوده على مر العصور، ويقال بأن هذا الهيكل سوف يهبط من السماء حسب الوعد الإلهي الذي يدعي اليهود أن الرب وعدهم به، ولكنه لم يهبط بعد، لذلك فلا وجود له بالمنطقة بالقطع، ولم يكن موجودا بالأصل، وما الادعاءات الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم، إلا افتراءات و إفكا وبهتانا كبيرا.
عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس، أمر ببناء المسجد الأقصى بها في المكان المقدس الحالي، وتوالى من بعده المسلمون بترميمه وتوسعته، حتى أصبح بوضعه الحالي، ومما زاد من قدسية المكان وعظمته للمسلمين، إسراء سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام في مكة المكرمة الى المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في أواخر الحكم الروماني لمدينة بيت المقدس، وأيضا ترجع أهمية بيت المقدس للمسلمين، لأنها كانت أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين، وهي عند المسلمين أيضا ارض الرباط والجهاد، وحديث الرسول الكريم عن فضل الصلاة فيها من المبشرات بأن القدس سيفتحها المسلمون، وستكون لهم، وسيشدون الرحال الى مسجدها، مصلين متعبدين، وما يدعو به الصهاينة اليهود (بحائط المبكى) على أساس انه من بقايا الهيكل، ما هو إلا (حائط البراق)، وهو الجدار الغربي من مبنى المسجد الأقصى، وهو المكان الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته (البراق) عنده، ولذلك سمي الحائط بهذا الاسم. هناك الكثير من الأجوبة لكثير من الأسئلة التي تراود تفكير أبناء شعبنا العربي وشعبنا المسلم في كافة أرجاء المعمورة، حيث يتضمن الكثير من الأسئلة والأجوبة التي سيفاجأ بها القارئ الكريم، لأنه قد لا يعرف حقيقة مثل هذه الأسئلة والأجوبة والتي قد تكون قد وصلت إليه والى ذويه وأقربائه بشكل مغلوط، و تناقلتها العامة والخاصة دون أن تدري بحقيقتها على أكمل وجه، خاصة وان تاريخ الإنسان منذ العصور القديمة مصدره التوراة، هذا الكتاب الذي عمل اليهود والصهاينة على تحريفه ليتفق مع أطماعهم وأهوائهم، وفي وقتنا الحاضر يعتبره بعض المثقفين في العالم، هو المرجع التاريخي الوحيد لكل التاريخ الإنساني، على الرغم من معرفة البعض منهم بأن هذه التوراة ليست النسخة الأصلية، بل هذه التوراة تم وضعها بعد ألف سنة من نزول التوراة الحقيقية على سيدنا موسى، من قبل أحد حكماء بني إسرائيل، والمدعو (عزرا) بالتعاون مع عدد آخر من تلامذته، وقد اشتملت التوراة المحرفة هذه، على الكثير من الأكاذيب والأباطيل ضد الأنبياء والرسل باسم الرب، فعمل اليهود الصهاينة، على توسيع كل ما يتعلق بتاريخهم من أحاديث و أقوال وتأييد مزعوم لهم، وتقليص بل وحذف وتحريف وتشويه كل ما لا يهمهم لكثير من الصور بحق الشعوب الأخرى التي ورد ذكرها، والمطلع على التوراة الحالية يلمس بأن تاريخ البشرية وكأنه تاريخ بني إسرائيل فقط.
تقع مدينة بيت المقدس في قلب ارض فلسطين، وفلسطين هي جزء من بلاد الشام، وتقع في جنوبها، و سميت فلسطين بأرض كنعان، لأنه قبل الميلاد بمئات السنين، نزلت قبائل من جزيرة (كريت) على ساحل البحر الأبيض المتوسط تسمى (فلستين) واختلطت هذه القبائل مع الكنعانيين وتمازجوا وشكلوا خليطا يغلب عليه الدم العربي، وعاشوا في تلك المنطقة التي سميت باسم القبائل التي قدمت من كريت (فلسطين).
تقع بالنسبة لخطوط العرض والطول على خط طول مقداره 35 درجة و13 دقيقة شرقا وخط عرض مقداره 31 درجة و52 دقيقة شمالا، وترتفع نحو 750 مترا عن سطح البحر الأبيض المتوسط ونحو 1150 مترا عن سطح البحر الميت، وتبعد عن البحار الموجودة بالمنطقة بطول 52 كم هوائي عن البحر الأبيض المتوسط و 22 كم عن البحر الميت و250 كم عن البحر الأحمر، وتبعد مدينة بيت المقدس عن عواصم بعض الدول القريبة خلال الطرق الدولية فمثلا تبعد عن مدينة عمان 88 كم وعن مدينة بيروت 388 كم وعن مدينة دمشق 290 كم وعن مدينة بغداد تبعد 865 كم هوائي.هناك قرى تحيط بها أهمها سلوان وراس العامود و العيزرية وأبو ديس و بير نبالا والرام وبيت صفافا والسواحرة الشرقية.
يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة معظمهم من السكان المسلمين وتبلغ مساحتها 871 دونم. تقدر مساحتها بأربعة آلاف ومائة دونم منها (771) دونم منطقة بناء.
مبنية على لسان من الأرض و منفصلة عن بقية ما حولها بأودية عميقة عددها ثلاثة أودية وهي:في الشرق وادي قدرون أو وادي (جهنم)، في الجهة الشمالية الشرقية وادي ( الراهب)،في الجنوب والغرب وادي الربابة أو (هنوم)
و في المدينة أربعة من الجبال وهي:
1-جبل سكوبس ويقع في الشمال الشرقي من المدينة
2-جبل الزيتون ويقع في الجانب الشرقي من المدينة
3-جبل موريا وهو الجبل المبني عليه الحرم القدسي
4-جبل صهيون وهذا الجبل يقع جنوب غرب القدس
يعتمد سكانها في احتياجاتهم المائية على مياه الأمطار التي كانت تجمع في البرك والآبار في أيام المطر الجيد، وهناك عين مياه في بلدة سلوان والتي يطلق عليها اسم عين سلوان أو عين (جيحون) أو عين (أم الدرج) أو عين (ستنا مريم) او عين ( روجل ) ومنها كانوا يسحبون المياه الى المدينة عبر أنفاق تحت الأرض.
طمع العبرانيون بأرض كنعان لأنها كانت مشهورة بالزراعة وتربية المواشي، وكانت تشتهر بالصناعات الفخارية والنسيج، فكانت سمعتها كبيرة بين الأقوام المجاورة، فطمعوا في خيراتها، و كانت علاقة الكنعانيين بالعبرانيين سيئة، لأن العبرانيون كانوا يحاولوا الاستيلاء على أراضيهم ومزروعاتهم وحيواناتهم وصناعاتهم، وحاولوا أيضا طردهم من أراضيهم، واستعبادهم و أسرهم لديهم لاستغلالهم في العمل، فكان الكنعانيون يقاومونهم باستمرار ويتغلبون عليهم في اغلب الأحيان.أما اسم الجبل الذي نزل فيه سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما دخل ارض كنعان فكان اسمه جبل ( نابو ) ويقال بأنة هو الجبل الذي بني فيه المسجد الأقصى والصخرة المشرفة.
هناك بعض الأسماء التي أطلقت على مدينة بيت المقدس منذ القدم واهم هذه الأسماء هي:
يبوس، أورشليم، شليم، أور شالم، أور سالم، وقدس الأقداس، وأيلياء، و إيليا كابيتولينا. اسم (ايلياء ) اسم أطلقه القائد الروماني (هدريان ) على مدينة بيت المقدس سنة 135م، والاسم ايلياء هو اسم جد عائلة الإمبراطور أو قد يكون اسم عائلته، وبقي هذا الاسم شائعا حتى الفتح الإسلامي.وقد بنى سور القدس السلطان العثماني سليمان القانوني (الذي تولى الحكم ما بين 1520–1566م) ويقال أن السور كان موجود أصلا ولكن يحتاج الى ترميم، وهذا ما قام به سليمان القانوني.يبلغ ارتفاعه 38.5 متر، به 34 برجا، وله سبعة أبواب مستعملة، وأربعة أبواب مغلقة، وطوله 2.5 ميل (4 كم).
سور بيت المقدس به عدة أبواب هي:1-باب الخليل أو باب (يافا) 2- الباب الجديد أو باب (عبد الحميد) 3- باب العامود أو (باب دمشق) أو (باب النصر) 4-باب الساهرة أو باب (هيرودوت) 5-باب ستنا مريم 6- باب المغاربة 7- باب النبي داود أو باب ( صهيون ) 8- باب الأسباط أو باب ( اسطيفان ) ،وهناك أربعة أبواب مغلقة هي: 1-باب الرحمة 2-باب الواحد 3- باب المزدوج 4- باب المثلث.و أول سور أقيم حول القدس كان قبل 2500 عام ق.م، والأسوار اللاحقة التي بنيت بعد ذلك كانت عبارة عن ترميم لسور القدس ولم تكن تأسيسا له. تبلغ مساحة الحرم القدسي الشريف 140.900 م2 أما أبعاده فهي كما يلي:
طوله من الجهة الغربية = 490م
طوله من الجهة الشرقية 474م
طوله من الجهة الشمالية 321م
طوله من الجهة الجنوبية 283م
وبهذا فان محيطه يبلغ 1568 مترا.
أول من بنى المسجد الأقصى سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم الخليفة عمر بن الخطاب عندما تسلم بيت المقدس، وقام بترميمه فيما بعد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 715م.
و المدة الزمنية بين بناء المسجد الأقصى و بناء الكعبة المشرفة أربعين عاما و سمي بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام. طول المسجد الأقصى 80 مترا وعرضه 55 مترا عدا ما أضيف إليه من الأبنية ويتسع نحو ثلاثين ألف مصلي.
أهم معالم ساحة الحرم القدسي الشريف وجود المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني والمتحف الإسلامي وصحن الكأس، والذي يستعمل المصلون ماؤه للوضوء وسبيل قاتباي وتستعمل مياهه للشرب، ومن معالمه أيضا وجود سور حوله له أبواب عديدة.
أما أسماء أبواب الحرم القدسي الشريف فهي:
باب الغوانمة وباب المجلس (باب الناظر ) وباب الحديد وباب العتم وباب القطانين وباب المطهرة وباب المغاربة وباب الرحمة وباب السلسلة.
هناك المسجد المرواني وهو مصلى يقع في الجزء الجنوبي الشرقي من الحرم القدسي الشريف، و يقع تحت الأرض، وتبلغ مساحته خمسة دونمات، ويتسع لعشرة آلاف مصلي.
و عندما أسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى كان بصحبته جبريل عليه السلام.
كان هذا في العام 621 للميلاد وكان يحكم مدينة (بيت المقدس) التي كان اسمها في ذلك الوقت (يليا) الإمبراطور الروماني (هرقل) الذي حكم من سنة 610م الى سنة 641م.
و السورة القرآنية التي ذكر فيها المسجد الأقصى هي سورة (الإسراء) وسورة (بني إسرائيل). لم يكن المسجد الأقصى موجودا عندما حدثت حادثة الإسراء والمعراج، بل كان المكان موجودا وبه ساحات عدة، ومحاطا بسور له أبواب عدة أيضا، كذلك لم يكن مسجد الصخرة موجودا، وقد أطلق اسم المسجد الأقصى على ساحة الحرم القدسي الشريف جميعها وكانت محاطة بالسور.صعد الرسول الكريم الى السماوات العلى، عندما عرج الى السماء من المسجد الأقصى وكانت قبلة المسلمين هي بيت المقدس، و قيل أنها دامت ستة عشر أو سبعة عشر شهرا.وقد حولت قبلة المسلمون من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة سنة اثنين للهجرة النبوية في شهر شعبان في وقت صلاة الظهر أو العصر. حائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وهذا الحائط هو مكان ما ربط به الرسول الكريم دابته (البراق) عندما عرج إلى السماء، وطوله 58 مترا وعرضه 20 مترا، وهناك ما يقارب 20 مترا مدفونا تحت الأرض وبه 25 مدماكا من الحجارة الكبيرة و يطلق عليه الصهاينة افتراءا (حائط المبكى).
بنى قبة الصخرة المشرفة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 691م وكلف لهذه المهمة أحد العلماء الأعلام وهو أبو المقداد رجاء بن حيوه ومعه يزيد بن سلام وكان بدء البناء سنة 66 هجرية ( 685م ) و أوقف عبد الملك خراج مصر لمدة سبع سنوات لتشييدهما ( المسجد الأقصى والصخرة ) وتم إكمال البناء في عام 72/73 هجرية.
بنيت القبة على صخرة أما صفات الصخرة التي بنيت عليها القبة فهي عبارة عن حجر كبير من الأحجار التي تكون بالجبال وترتكز على الأرض وليست معلقة كما قيل عنها، طولها وعرضها متقاربان محيطها حوالي أربعة اذرع، هناك سرداب تحتها أبعاده ( 5 في 10 ) أذرع والصخرة أعلى من الأرض بمقدار قامة رجل ( من 1, 25 إلى 2 متر)، و أحيطت بسياج من الرخام حتى لا تصل أليها اليد، وهناك كهف تحتها وهو كهف عادي ينزل أليه ب 11 درجة من خلقة العوامل الطبيعية، ويقال بأن الصخرة من صخور الجنة ومن تحتها تجري المياه العذبة والرياح اللواقح. للصخرة التي بنيت عليها القبة أهمية خاصة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلعم):الأنهار أربعة:سيحان وجيحان والنيل والفرات، فأما سيحان فنهر بلخ وأما جيحان فدجلة وأما النيل فنيل مصر، وأما الفرات ففرات الكوفة وكل ما يشربه ابن آدم فهو من هذه الأربعة ويخرج من تحت صخرة ببيت المقدس. عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (صلعم) قال:
(صخرة بيت المقدس من صخور الجنة).عن أبى هريرة عن النبي (صلعم) انه قال: (المياه العذبة والرياح اللواقح تخرج من تحت صخرة بيت المقدس). روي عن ابن مندة عن انس بن مالك انه قال (أن الجنة لتحن شوقا إلى بيت المقدس وبيت المقدس من جنة الفردوس وهي سرة الأرض). روي عن علي ابن أبى طالب عن النبي (صلعم) قال: ( سيد البقاع بيت المقدس وسيد الصخور صخرة بيت المقدس).
ملاحظة: بعض المعلومات مستقاة من كتاب الموجز في تاريخ فلسطين السياسي/الياس شوفاني للعلم رجاء.