حسناً.. قال الثعلب لنفسه: إني جائع وقرب الغابة ديك سمين، وأخذ يفكّر في حيلة تمكّنه من هذا الديك..
لبس الثعلب ثيابَ حاكمِ الغابة، وضعَ النظارةَ على عينيه، وأخذ بإحدى يديه ورقة وبالأخرى تاجاً ثم توجّه نحو كوخِ الدجاج..
ومن بعيد رأته الدجاجاتُ… فصعدتْ الحائطَ مع ديكِها الجميلِ المغرور..
قالت الدجاجة الأولى: مَنْ هذا الغريب الخارج من بطن الغابة؟
قالت الدجاجة الثانية: يبدو أنه إنسانٌ ضَلّ طريقه..
قالت الدجاجة الثالثة: علينا أن نأخذَ الحذر منه، فهو غريب ولا نعرفُ عنه شيئاً.. أما الديك فقد نفخَ صدره، واختالَ بمشيتهِ غيرَ مبالٍ بالأمر، ثم ابتسم، وراح يدور حول نفسه..
اقترب الثعلبُ من الحائط ثمّ رفعَ رأسه وقال للديك:
السلام عليك أيها الديك الجميل… إنّ طيور الغابة قد انتخبتكَ ملكاً عليها لجمالِ صوتك.. وبديع شكلكَ..، وقد كلفتني أن أقدّمَ لك هذا التاجَ وأضعه على رأسك الفاتن، فيزيدك جمالاً على جمال وهيبة على هيبة..
فرح الديكُ لهذا الكلامِ، ونفش ريشه أمام دجاجاته، ثم صفّق بجناحيه وصاح: كو.. كو.. كو.. كوكو كو..
ابتسم الثعلبُ وقال: لم أرَ في حياتي كلّها أجملَ منك صوتاً وشكلاً..، هيّا انزلْ لأضعَ التاجَ على رأسِك، فتكون ملكاً على الطيور كلّها..
أطلقَ الديكُ ضحكة، وفرح بهذا المديحِ لكنه حين اقتربَ من الثعلب وثبَ هذا عليه وأمسكهُ بفمه وطرحه أرضاً، فاستسلم الديك خائفاً..
نظر إليه الثعلبُ والابتسامةُ على وجهه وقال: ستكون يا عزيزي ملكاً في بطني..
صاحتِ الدجاجاتُ فزعاتٍ..، النجدة.. النجدة..
وإذا بالكلب وردان ينطلق من وراء الكوخ نحو صياح الدجاج..
ما إنْ أبصرَ الثعلبُ الكلبَ حتى تركَ الديكَ، وولّى هارباً، ونباحُ وردان يصكُّ أذنيه..